كتب إيان بارميتر أن الخطة المكوّنة من 20 بندًا التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى جانب بنيامين نتنياهو تبدو محاولة جريئة لمعالجة قضايا الصراع كافة في غزة. ورغم أن الخطة قد تأتي في توقيت يستجيب لتعب الطرفين ورغبتهما في إنهاء الحرب، إلا أن مسارها محفوف بعقبات كبرى تجعل التفاؤل صعبًا.

أشار ذا كونفرزيشن إلى أن السؤال الجوهري يدور حول قدرة الخطة على النجاح في ظل واقع الشرق الأوسط المليء بعدم الثقة والصراعات المتكررة. ويطرح بارميتر خمس نقاط رئيسية تثير القلق بشأن جدوى التنفيذ.

النقطة الأولى تتعلق بانعدام الثقة بين الأطراف. التجارب السابقة أظهرت سرعة انهيار التفاهمات، كما حدث مع وقف إطلاق النار الأخير الذي لم يصمد سوى شهرين قبل أن ينسحب نتنياهو متهمًا حماس بعدم الوفاء بالتزاماتها بشأن إطلاق الأسرى. عدم الوضوح في بنود الخطة يفتح الباب أمام تبادل الاتهامات بكسر التعهدات.

النقطة الثانية ترتبط بعدم التوازن. فحماس تُطالَب بإطلاق جميع الأسرى والتخلي عن سلاحها دفعة واحدة، ما يجعلها عارية من أي قوة ردع، بينما تشكك في نوايا نتنياهو وقدرته على استغلال الموقف لضربها مجددًا. لم تشارك الحركة أصلًا في صياغة الخطة، بل وُضعت أمام خيار واحد: القبول أو مواجهة "إنهاء وجودها".

أما إسرائيل، فعليها تقديم تنازلات صعبة مثل قبول عودة السلطة الفلسطينية لإدارة غزة أو القبول بمسار نحو الدولة الفلسطينية، وهي خطوات عارضها نتنياهو علنًا مرارًا، كان آخرها في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.

النقطة الثالثة تركز على غياب التفاصيل. ففكرة "قوة استقرار دولية" تحل محل الجيش الإسرائيلي بعد انسحابه تبدو مبهمة تمامًا: لم يُكشف عن الدول المشاركة، ولا عن شكل التفويض. كما لم يتضح جدول زمني لإصلاح السلطة الفلسطينية أو آليات إجراء انتخابات جديدة تضمن شرعية قيادة بديلة لمحمود عباس، ناهيك عن الغموض بشأن الجهة المدنية المشرفة على إعادة إعمار غزة. ترامب أعلن أنه سيترأس "مجلس السلام" بمشاركة توني بلير، لكن فعالية هذه الهيئة مشروطة بثقة الأطراف كافة، وهي عملة نادرة في المنطقة.

النقطة الرابعة هي تجاهل الضفة الغربية. فالتوتر هناك يتصاعد يوميًا بين المستوطنين والسكان الفلسطينيين. الحكومة الإسرائيلية صادقت الشهر الماضي على مشروع استيطاني يقسم الضفة فعليًا ويقوّض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا. ومع ذلك، لم يرد ذكر للضفة في الخطة، على الرغم من أنها جوهر أي تسوية شاملة.

النقطة الخامسة والأخيرة تتمثل في موقف وزراء اليمين المتشدد داخل حكومة نتنياهو. شخصيات مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير تصرّ على القضاء التام على حماس، وترى أن نزع سلاح الحركة أو إقصاءها سياسيًا لا يكفي. حتى لو نجحت الخطة في تحييد الحركة، يبقى فكرها وأنصارها على الأرض، ما يجعلهم يعتبرون التسوية غير مقبولة.

يرى بارميتر أن فرص الخطة مرهونة بضغط أمريكي مستمر على إسرائيل كي تلتزم ببنودها، وبقدرة الوسطاء مثل قطر ومصر على إلزام حماس بالالتزامات. لكن نتنياهو يمتلك تاريخًا في التراجع، كما فعل حين أنهى وقف إطلاق النار الأخير وعاد إلى العمليات العسكرية. خطابه الأخير في الأمم المتحدة دلّ على تمسكه بخطوطه الحمراء ورفضه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بل وصفها بأنها "فرض كيان إرهابي على إسرائيل".

في المقابل، ضغط ترامب لعب دورًا حاسمًا في موافقة نتنياهو على الخطة، مع وعده بأن واشنطن ستمنح إسرائيل دعمًا كاملًا إذا رفضت حماس التنفيذ أو أخلّت بالشروط. هذا التعهد قد يمنح نتنياهو وسيلة لإقناع وزرائه المتشددين بالقبول المرحلي، لكنه في الوقت نفسه يهدد بتقويض فرص نجاح التسوية إذا استُخدم ذريعة للانسحاب لاحقًا.

بهذا، تبدو خطة ترامب مشوبة بالغموض والاختلال، وتواجه تناقضات داخلية تجعلها أقرب إلى رهان محفوف بالمخاطر أكثر من كونها خارطة طريق واضحة للسلام في غزة والمنطقة.

https://theconversation.com/the-5-big-problems-with-trumps-gaza-peace-plan-266355